خميس


لم أشعر بوجودي خفيف مثل يوم الخميس 21 أكتوبر. كنت خفيفة – حفيفة للغاية و بعدها قالت لي مها أنني خسيت. لا أعتقد أن هذا هو السبب. لم أكن خفيفة كما قال كونديرا الذي أتذكره الأن دون أي سبب غير أنني أكتب عن الخفة.

أعتقد أنه كان معي و أنا لا أدري بوجوده حتى هذه اللحظة.

لم أفكر في الكتابة عن يوم الخميس لكن ما كتبته رضوى أسامة في مدونتها
حرك الشيء الذي يدفعني إلى الكتابة.

اليوم أنا ممتنة ليوم الخميس و لرضوى أسامة لعدة أسباب.

دفعتني رضوى – ما كتبته و وجودها الجميل في القسم في ندوة معها يوم الخميس – إلي الكتابة و عادة من يفعل ذلك يكون روح جميلة و خفيفة و تعرف الوصول إلى دهاليز مظلمة لا أجرؤ تخطتيها وحدي. رضوى فعلت ما فعله برتقال نهى محمود المنحرف و رحلتها إلى سوهاج و زينب التي قابلتها هناك و تلك البنت المكتملة – فتسلتت أصابعي التي أحبها كثيرا إلى اللابتوب لتلعب مع هذه الكلمات.

بدء يوم الخميس كأي يوم أخر. أنا أعرف أن الندوة التي تديرها دوللي بالمساء - السادسة لأكون أدق و جلست مع إيمي في غرفة المعيشة ننتظر ER ككل يوم الساعة 12 ظهرا.

قررنا الذهاب إلى مصر القديمة – أنا و محمد. تقابلنا في النادي و ركبنا المترو و ذهبنا.

كانت تلك أول مرة يخطو محمد داخل قطار مترو و عندما أتهمته بالطبقية كان دفاعه أنه كان يركب الميكروباص. أنا أتذكر يوم وقوعه من الحافلة و الضحكات الكثيرة بالرغم من قلق خالتي.

بدأنا بالكنيسة المعلقة و كانت هذه هي زيارتي الأولى لكنيسة في مصر. و من هناك ذهبنا إلى الكنيسة اليونانية ثم إلي المعبد اليهودي و كل الكنائس الأخرى حوله. تركنا مسجد عمرو إبن العاص إلي النهاية لأن كل الأماكن الأخرى تترك بابها مواربا من الرابعة عصرا حتى صباح اليوم التالي.

كنا نشرب من أي سبيل يعترض طريقنا و نتخلص من الماء الفاتر في الزجاجة النستلة الصغيرة لنملؤها من جديد. أخذ محمد يصور و أنا كنت أخذ خطواتي الصغيرة التي أعرفها جيدا كأنني لا أريد خلق أصغر صوت. محمد يقف في طريقي ليأخذ صورة أو أتطفل أنا بينه و بين أيقونة أو جدار.

أنقذني من التعثر في الشارع – لعبتي المفضلة – و أنا أنقذته من أجمل أربع أولاد لعب معهم في المسجد.

و بالرغم من حدوث أشياء كان من الممكن أن تعكر صفو اليوم إلا إنني لا أتذكر إلا كل الجمال الذي رأيت. كل المجهود لخلق كل تلك المساحات و الأماكن للتعبد و نحن نصل إلى المعبود من القلب أولا و في أي مكان.
أذهلتني كل تلك المسافات التي يأخذها الناس للجلوس في ظلال جامع عمرو أو عند مزار مار جرجس و كم الإيمان إنني سنشفى و سيكون كل شيء على ما يرام.

بعدما ذهبنا من ساحة المسجد قررنا الطريق الأفضل للوصول إلى الجامعة لنستمع إلى رضوى أسامة.


وصلنا و جلسنا.

كنت أرى دوللي تفعل شيء جديد عليها و هذا يبهجني دوما. و كانت كالعادة جميلة و متماسكة بالرغم من قلقها. و كنت أستمع إلى رضوى للمرة الأولى تقول أشياء اعرفها لكنني أنساها معظم الوقت. و كنت أغمز لمحمد – الذي تفرقت عنه في الولادة كما قال - من بعيد. و أجلس بجانب ثلاثة من أجمل الرجال الذي عرفتهم هذا العام – طبيب تشفيني ضحكته و ممثل يبهجني وجوده دائما و زميلي في عشق هدى جندي الذي أكون دائما ممتنة لوجوده.

كنت أجلس في الصف الأخير و أرى نهى الجميلة و لون شعرها الأحمر الجديد الذي أتى مع مرحلة جديدة و أسمعها تقول لرضوى أنها موضوع  فصل من فصول كتابها الجديد عن نساء أقوياء و كنت أفكر رضوى تستحق فصل جميل مثلها.

تطعمنا أستاذتنا نادية جندي دوما لكنني أفكر و أنا أكل السابلية الشيكولاتة الذي احبه كثيرا أننا كبرنا على حبها و ليس البيتزا و الباتون ساليه.

بعد الندوة ذهبت لأجلس في مجلس سحر و جمال لم أكن أعرف بوجوده. ربما كانت بروفة عرض لكل من كان هناك لكنني شعرت بأمتنان كبير لوجودي وسطهن. جميلات و مشرقات و مليئات بالنور.

تخيلتها في السبعين و ضحكت من قلبي لأن من يعرف الحب مثلها سيصل إلى السبعين في جمال لا يعرفه الكثيرون.

حتى مريم كانت معي بالرغم من بعدها – أميال و أميال بالأمريكاني. لكن شمعها كان في قلبي.

ذهبت إلى المنزل بعد موعدي لكنني كنت صغيرة و مكتملة كما قالت نهى و تذكرت احتضانها لي قبل رحيلها و وعدها بيوم لنا.

ولدت يوم جمعة و أنا لا أحب هذا اليوم. أحببته لوقت قصير عندما كنت أقضيه في جمعية النهضة الجيزويت من 2 إلى 6 مع أشخاص ملئوا حياتي بحب يغرق القاهرة ثلاث مرات و ليس مرة واحدة.


الجمعة التي تلت الخميس 21 أكتوبر كانت أوضح بكثير. كنت خفيفة بالرغم من الحزن الذي ملأني. لكنني كنت أرتدي لوني المفضل و كنت أجلس في مسجد أحبه كثيرا. فعلت ما قالته رضوى – ذهبت لنفسي و مع نفسي و هذه كانت المرة الأولى.

وشوشني الحمام بحكايات لا أعرفها و كان صوته بلسم على آلمي و ضحكت من كل قلبي و أصابعي التي أحبها كثيرا. أشتريت لنفسي هدية لأنني أحب زينب كثيرا. و وجدت ريشة لعلي – تشبه و تذكرني به و هو لا يعرف ماذا يفعل بها كما لا أعرف أنا ماذا أفعل بكل ما أشعر به – و أستطعت أن أعطيها إياها قبل إنتهاء اليوم. قبّلت قلبه بكل ما بداخلي لأنني لا أعرف غير ذلك – و حملت ريشتي معي – خفيفة مثلي.

الشفاء كالعبادة – يبدأ من القلب – و يحدث في أي مكان و يأتي من حيث لا نعرف.

و الحب ريشة أحملها معي – قصيرة و تشبهنني و ريشة أخرى معه.

أما النور فهو نسيم من النيل يأتي من نافذة في المنيل و أقدام حافية بأصابع جميلة – حتى أصابع قدمي -  و كوب من الشاي لم أريد الإنتهاء منه و تدوينة بدون أي مرارة.

يجعلني كل هذا أفكر إن كتاب نهى سيكون كبير جدا و لن ينتهى أبدا و اسأل من سيكتب الفصل عن نهى محمود؟

تعليقات

‏قال monasosh
ازاي اول مرة ازور مدونتك!
سعدت جدا بالتدوينة’ خاصة ان فيها ناس قريبين لقلبي

مبسوطة اني اتكعبلت في مدونتك :)
‏قال Zainab
:):)
أنا أول مرة إتكعبلت في بتاعتك كان من قريب و كنت متحمسة جدا و مبسوطة بيها إوي

مبسوطة إنك إتكعبلتي هنا :)
‏قال غير معرف…
I LIKE
‏قال Zainab
Tikoz, thank you

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

زيت على كانافا

صورة يوسف

The Madness of Mrs. Woolf