بعد بُكره


اليوم تحدثنا عن نادين لبكي و كم هي جميلة و هل نقول أنها جميلة أم أتراكتيف.
شيء محير: كيف تصنف نادين لبكي على مقياس الجمال  الذي نحاول خلقه أنا و أختي التي تكبرني بعام و أختنا التي تصغرنا بعدة.
لم يشاهد أحد منا فيلمها الأول "سكر البنات" غيري. شاهدته من يومين في هذه الحالة التعيسة التي تجعلني قعيدة الكنبة بقماشها الجديد أشاهد أفلام و أجلس فقط دون فعل أي شيء غير النظر للشاشة.  أبديت اليوم رأئي إنه "مش عبقري". و أن نادين لبكي أتراكتيف و ليست جميلة لأسباب غير مقنعة لأختي الصغرى. و عبرت الأخت الأكبر عن تمانياتها لمشاهدة "هلأ لوين؟" و هي تجلس على الكنبة الأكبر من كنبتي.
و اليوم يوم عادي جداً من هذا النوع الجديد من الأيام: الأيام الخالية اشياء عدة. اليوم شاهدت فيلم "اميلي بولان". لأول مرة. أول مرة أشاهده. أنتهى أخر مشهد و كان قد إرتفع داخلي شعور بأن كل شيء على ما يرام و أنني بخير و أننا كلنا بخير و أنا الحياة تبتسم إبتسامة أودري توتو. و رقصت قليلاً على صوت إيلا فيتزجيرالد و غنيت قليلاً ل "أخيراً" و جلست على الكنبة: كنبة الأيام الجديدة التي لا يحدث فيها شيء إلا في رأسي.
و ببطء لا أعلم سرعته ذهب شعور بأن كل شيء على ما يرام.
أردت سماع موسيقى فذهبت للملف الذي به أغاني فيلم لبكي الأخير و ها أنا اسمعها.
أتذكر جملة حفظتها من الفيلم باللكنة اللبناني التي كنت أعاكس بها الفتى الذي أحببت دون أن أدري. أحاول أن أجد مكاناً لتلك الجملة ما بين الأغاني و لكنني أفشل فأعود لما هو أثقل.
غداً أول أيام العيد. و أنا أحب هذا العيد جداً غالباً لأنه يعلن إنتهاء رمضان و بدء أكل الكحك الذي بدأته أنا منذ أربع أيام.
في ذهني مشهد الجواب التي زورته أميلي لجارتها و نقعته في شاي و تركته يجف معلق بمشابك. و مع أنني أنتهت تواً من مشاهدة "آميلي" فإن المشاهد التي  تليه هذا المشهد أمام عيني كلها من فيلم نادين لبكي التي ليست جميلة و لكن أتراكتيف الذي شاهدته من أكثر من 7 شهور.
يذكرني الجواب بصورة رأيتها الأن للشيخ عماد عفت و بجانبها رسالة من زوجته و تسألت إذا ما خبزت الكعك هذا العام؟ و إذا كانت تحبه أم تفضل الغريبة؟
أتذكر مشهد البداية في الفيلم و النساء و الخلاء و الأسود و تأتيني صورة أم خالد سعيد. صورتها تأتيني دائماً عندما أشعر أنني أتخاذل مع القاهرة أو أهلها أو الثورة بأي شكل و ها هي تأتي الأن في ليلة العيد.
أتذكر مشهد موت الصبي و كيف بكيت في السينما – يوم تلو الأخر – على فراقه لأمه و أنا أعرف أن الأن تنتشر صورة على الفيس بووك بين مؤيدي الثورة و المتعاطفين مع الشهداء أنه "عيد شهيد" و أنه عيد أخر دون الحبيب أو الحبيبة.
و مشهد الحشيش الشهير يذكرني بالكعك الذي لم تخبزه أمي أبداً و لم أراه في حياتي إلا و هو مرشوش بسكر بودرة.
"بكره" الناس يصلون صباحاً ليكون ضحى بماء و طعام في الشارع. و بعد ذلك قبلات و سلامات و كعكات و أكواب شاي و زيارات و أكل كثير دون موعد معين.
و لكن ماذا عن "بعد بكره"؟ عندما يكون الكعك قد فقد طعمه و أنتهت الزيارات المثيرة للإهتمام و لا صلاة صباحاً قبل حرقة الشمس؟
لا أريد أن أعرف.
بقي أغنيتين و أنتهي من الإستماع إلى أغاني فيلم نادين لبكي (أتراكتيف و مش جميلة) الثاني مرة واحدة و أنا أحاول أن أتذكر إذا كان عندي موسيقي إميلي بولان في ملف ما مختبئة لوقت كهذا: وقت قليل متبقي من الساعات التي أجلسها على الكنبة بقماشها الجديد المزهر حتى أذهب للنوم لأنني لا أستطع النظر إلى الشاشة دقيقة أخرى.

تعليقات

‏قال youssef
أزال المؤلف هذا التعليق.
‏قال youssef
أفلام التي تنقذ خيالنا الجامح من الجفاف و تتيح لأرواحنا التي أنهكتها صلادة الواقع احتمالا للنفاذ الي ملكوتها البعيد عن تحجره هي ذاتها تعذبنا بصدقها كالمرايا السافرة التي تعكس عوراتنا ومآسي حياتنا التي يوترنا طول الوقت ان نلونها ونداريها وتدعي كل الألسنة الصارخة حولناأنها ليست هناك لكنه شئ ما غيرها .. كالموسيقي أيضا .. السحر الذي يطبطب علي أرواحنا من العذاب هو الذي يستثير أساها المقدور .. الأشياء التي تحيينا ذاتهاالتي تقتلنا و نحن لا نريد أن نفكر .. نتمني غد يأتي بما لا نعرف و نحن نعرف أن الغد ابن اليوم .. نفتش عن يوم جديد - ربما في أمانينا فقط - .. نهرب بالافلام من يومنا ليطاردنا يومنا فيها .. نتوقع منها جديدا ولكن ..

بديع حكيك .. يتسرسب الي الأذن كموسيقي ساحرة في فيلم جميل !

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

زيت على كانافا

صورة يوسف

The Madness of Mrs. Woolf