زرع بصل


متخرّطش بصل على قلبي

أو متخرطش بصل من أصله، بلاش بصل خالص، أو ممكن نتحايل على الموضوع و نحط بصلة بحالها

افتكرت وأنا بغسل الفراخ من تلات أربع أيام، إني لسه مجبتش ملح خشن، لحد دلوقتي ريحة الزفارة لسه في الحوض بس مش هجيب ملح خشن عشان دي كانت فكرتك إنت و أنا مليش مزاج أعمل الحاجات العبيطة اللي كنت بتقترحها. حاسة إن كفاية كده. ف عملت ايه بقى؟ غسلت الفرخة بملح و خل و دقيق و قصقصت الدهن اللي لازق في الجلد و شيلت من الجلد على قد ما أقدر و أنا بفكر إن مفيش داعي للجلد خلاص، لأنك مش هتاكله، مش هعرف أشيله من على الصدر و أحطه في طبقك و بعدها اسألك عايز الجلد المقرمش؟

متخرّطش بصل خالص

حتى لو هتاكل لوحدك متخرطش بصل، قطّعه حتت كبيرة و واضحة، باينة كده في حلة البامية، أو بلاش من أصله، بلاش بصل.

بتفتكرني و إنت بتطبخ؟ طب بتعيط لما بتاكل لوحدك؟ طبعًا لأ بس أديني بسأل و خلاص، سؤال و السلام، سؤال ملوش لزمة لأنك مش سامعه. أول مرة طبخت بعدها قعدت أعيط طول ما أنا باكل، أعتقد الواقعة نفسها مكانش ليها أهمية، يوم عادي بنعمل فيه كل الحاجات العادية: نصحى نبص في التليفون نفطر نضيع وقت نطبخ نعيط ناكل نعيط ننزل، بس المهم منقشرش بصل و لا نخرطه، نعيط منغير بصل.

و أنا بقطع البصل دواير كده عشان أحطه تحت الفراخ فكرت فيك و قعدت أتخيلك و إنت بتاكله و بتحطه على الرز الأبيض. 

معرفش ايه اللي حصل. إزاي حد يعيش حياته كلها بياكل بصل عادي و فجأة مينفعش ياكل بصل؟ بقيت كل ما أقطع بصل عشان أطبخ بيه و أقطعه حتت كبيرة عشان أعرف أطلعه من الأكل، بحس إنهم نفس الحاجة، تاكل بصل عادي عادي خالص و بعدين هوب مينفعش تاكل بصل، زي بالضبط كده أشفوك كل يوم كل يوم و هوب مش هشوفك تاني.

الغريب بقى إني مش عايزة أشوفك أصلاً.

كل ما أجي أكل حاجة بفكر لو فيها بصل، بعدين بفكر لو كنا أكلناها سوا، كنت بتحبها؟ طب ودينا البصل فين؟

بتفتكرني و إنت بتاكل؟

كنت بحشي حمام من قيمة شهر كده و إفتكرت و أنا بدفس الحمامة بالفريك و البصل البِلي الصغير ده، إنك مكنتش بتحب الحمام. مكانش يعني ليك فيه أوي، معرفش إزاي محستش إن في حاجة غلط. قابلت حد ببعديك بفترة، دمه تقيل أه بس عينيه حلوة، و قلت أهو بنتعرف، و حسيت الكلام واقف بينا و قعدت أقول يا بت إنتِ بس مش متعودة، إنتِ لسه متعرفيهوش، و راح قايل إنه مبيكلش خضار. أنا مسمعتش تقريباً أي حاجة قالها بعدها و فضلت أفكر طول الليل في "مباكلش خضار" دي. أحا! إزاي أحب حد مش بيحب الخضار؟ نطيت فجأة للحب و العلاقات و الخروجات و معرفتش أنام لأني كنت حاسة إنه في حاجة مش ضابطة. سيبك بقى إنه طلع عرص و قليل الذوق بعد كده، بس تصدق هو غالباً دمه تقيل و محوراتي كده عشان مبياكلش خضار. الحمام طبعاً مش زي الخضار، يعني لو مش بتاكل خضار هتاكل ايه؟ رز؟ رز حاف كده؟ سلطة طيب؟ ف لو حد مش بياكل حمام أوي أو ملوش فيه، يعني يُحتمل، أنا استحملت كتير برضو في موضوع الحمام ده، و الكوارع، و القرنبيط اللي منعتني أدخله البيت.

بس الشهادة لله، إنت مكنتش بتحط بصل في الأكل لما بقى بيتعبني.

أمي أتزحلقت في قشرة بصلة و هي حامل فيا، وسط السوق كده، و وقعت على ظهرها، و أختي الكبيرة قعدت تعيط، و أنا كنت جوه، بس بحس إني شفت المشهد ده و بفضل أشوفه بيحصل و ببقى جوه و أنا صغيرة و برا و أنا كبيرة لكن عمري ما بمد ايدي عشان أقومها، أمي، الحامل. يمكن عشان كده كنت بقع كتير على دماغي، زرع بصل على رأي جدو.

غسلت الحمام بملح ناعم و عملت الفريك ببصل، و حشيتها بصل بِلّي و عملت فاصوليا خضرا و حطيت فيها بصل مقطع و توم كمان، و طبخت عدس بجبة و باكل منه كل يوم على الفطار. عارف ليه؟ عشان إنت مشيت. أه بطني بتوجعني، بس مبسوطة يا أخي، مبسوطة.

سمعت إن غّية عمك وقعت، فرحت فيه الصراحة، هو يستاهل، راجل عرص، كان بيقرفني في الرايحة و الجاية كل ما أشوف وشه، "إنتِ تخنتي؟ بتاكلي كتير؟ بتاكلي أكله؟ إنتِ مش بتأكليه؟ بتاكلي و هو نايم عشان تاكلي لوحدِك؟" دلوقتي نفسي أخدك كده من ايدك و أقوله "أهو دليل رقم واحد" و أشّمر قميصك كده و أوريه كرشك العسل ده اللي هو مش شايفه، ساعتها بقى كان هيقولي "بتخّنيه، عايزاه يموت، مش عارفة إن عندنا كوليسترول في العيلة؟" يا رب تكون الغّية وقعت على دماغ أمه، لأ لأ دماغه، وقعت على دماغه هو العرص المكرّش ده.

قعدت أفكر كتير لو هتيجي العزا، يعني كنت بسرح كده و أفكر لو هتيجي و لو جيت هتلبس ايه؟ و أمي هتقول ايه؟ و في الأخر مجتش و لا أنا رحت، و أهي الحاجات حصلت كده، زي كل حاجة تانية، اتقابلنا كده، حبينا بعض كده، اتجوزنا كده، و انفصلنا كده، و أنا كنت بقنع نفسي إننا مقضناش كل السنين دي زي إتنين شافوا بعض صدفة في الشارع ف راحوا قعدوا شوية على القهوة عشان كانوا الإتنين فاضيين و قعدوا لحد القهوة ما شطّبت و جه حد يرش مية. فرقت مين فينا اللي رش مية الأول؟ أنا ممكن أكون رشيت مية عشان نشّطب بس إنت يعني كنت خلاص طرطرت في كل ركنة في القهوة.

مخدتش بالي طول الوقت ده إن كل حاجة حصلت كده، كأن حد قام يرقص في فرح و قام مقّوم حد من على الترابيزة و قضوها رقص. تصدق، ده حتى لما طنط ليلى كانت تقولك "وقعت واقف يله" كنت بحسك إتكعبلت كده و وقعت زرع بصل و قمت قايم عادل روحك و فارد قميصك و مسبسب شويتين الشعر اللي في الجناب و مبتسم، يا دين أمي. وقعت واقف أه. بلا خرا.

مش بيعط كتير  على فكرة، عارفة إنك مش هتصدق بس ورحمة الغالية ما بعيط كتير، ببقى عايزة أكلمك مخصوص عشان أقولك إني مش بعيط كتير زي ما إنت فاكر عشان متبقاش حاسس إني مش عارفة أتلم على نفسي. كرامتي بتنقح عليا أوي و الله. بس أنا عيطت لما رحت وديت لك حاجتك الشقة، ياباي على دي شقة، يا ساتر، ده أنا كنت بكرهها كره، ظلمة و مفيهاش ريحة الونس. تستاهل و الله، خليك كده، تقعد في شقة وشها للشمس ليه و إنت بتصحى في طيظ العصاري؟ كنت هسيب لك مفاتيحك ف فتحت درج الشفونيرة و شفت جواب كنت كاتباهولك معرفش إمتى و قعدت أعيط و اسأل نفسي مين البت العبيطة دي اللي فضلت تكتب جوابات و تديهالك و بعدها تكتبهم و تخليهم عندها و إحنا عايشين في نفس البيت؟ مشيت وشي أحمر و منفّخ و مش طايقة شكلك. و أخدت حلل من المطبخ، هو كده إنتقام، أخدت أحسن حلة عندك و وريني بقى هتعمل ايه.

بعد ما غسلت الفراخ و رصيتها فوق البصل وحطيتها في الفرن ندمت إني قلت للفرارجي يقطعها أربع تربع، كان نفسي في فراخ محشية أوي. ليلتها معرفتش أنام، فراخ محشية منغير بصل؟ طب ينفع؟ لو قلت لحد إني هحشي فراخ منغير بصل هيبهدلوني تريقة، ده طنط ناهد كانت رزعتني قلمين و مدخلتنيش مطبخها تاني. و فضلت أتقلب و أفكر طب أعملها و خلاص؟ ده مش زي نص بصلة في الفاصلويا، و النص التاني في الفريك، لأ دي فراخ محشية، بصل بالرز يعني، تخرط و تخرط و تخرط في البصل لحد ما يعمل جبل كده و صدر قميص النوم يتبل من الدموع و البرابير. أتقلب و أفكر طب لو قشرت البصل و خرطته و حشيت الفرخة رز  بالبصل، هتيجي؟ هتيجي تاكل معايا؟ و تعمل السلطة و تسيبها للأخر؟ هتيجي و ناكل سوا زي زمان، و نرص السفرة الصغيرة بتاعتنا و أخلص أكل قبلك و أقوم أغسل ايدي و أرجع أقعد جنبك.....

كده بقى لحد ما نمت، و لما نمت حلمت بيك، كنا في بيتنا القديم، كانت الأوضة أوسح بس و السرير أكبر و في براح و إنت كنت عجيب. كنا سايبين بعض كده زي دلوقتي و أنا مش فاكرة رحت أعمل ايه، أخد شجرة اللمون باين، و إنت كنت بتحضر شنطة سفر عشان ماشي و عايز سيكو سيكو في نفس الوقت و أنا حسيت إني عايزة أضربك، عايز أجيبك من شعرك كده و أديك بالبونية في وشك.

طبعاً هتفتكر إني صحيت و قعدت أعيط؟ وحياتك أبداً، وحياتك ايه، وحياة أمي و أمك أبداً، عارف صحيت عملت ايه؟ كلت و نزلت السوق و اشتريت كيلو بصل أحمر بِلي و كيلو فريك أخضر و حمام، و روّحت غسلت الحمام بملح ناعم و خل و دقيق و حشيته و حمرته و أكلته. و عارف، معيطش و أنا باكل، تلات أيام، كل يوم جوز ، فرد بالفريك و فرد بالرز، الفراخ المحشية دي ابقى كلها عند أمك، عشان أنا مبخرطش بصل.


تعليقات

‏قال ميلانو…
"توضح الفقرة الأولى من عمل cv جاهز
كيف تعرف الشخص الذي توصي به ولماذا تكون مؤهلا للتوصية بها.
في الفقرة الثانية، شارك التفاصيل حول سبب تأهل الشخص للعمل. في الفقرة الثالثة، أذكر أنك جدير بالوظيفة و يوصي الشخص بذكرها.
اختتم رسالتكم من خلال تقديم معلومات إضافية لدعم ترشيح الشخص. قائمة البريد الإلكتروني ورقم الهاتف هنا، وكذلك في توقيعك."

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صورة يوسف

A City of One's Own

Olga's Pool